قالت الحكومة اليمنية إنها سلمت، ملف البن اليمني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، لإدراجه على قائمة التراث العالمي، وهي خطوة جديدة لتوثيق القهوة اليمنية كرمز ثقافي عالمي، والتي تكتسب تأريخاً عريقاً، وتم تسويق القهوة كمنتج في اليمن قبل 700 سنة.
وقال سفير اليمن في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، محمد جميح: “تم تسليم ملف البن اليمني الذي يشمل المعارف والممارسات المرتبطة بزراعة البن في اليمن لليونسكو، وذلك لإدراجه على قائمة التراث العالمي”.
ولأول مرة تقدم اليمن بشكل مستقل عنصرا من التراث الثقافي الغير مادي اليمني، إلى اليونيسكو لإضافته في قائمة التراث العالمي، لكن سبق وأن تم إدراج عناصر يمنية بشكل مشترك مع عدد من الدول العربية.
ولفت جميح -في منشور على فيسبوك- إلى أنه الملف تم تقديمه “بعد تغطية معظم الجغرافيا اليمنية”، وقال: “خلال السنوات الماضية ظللنا نبحث عن هيئة يمنية ذات كفاءة وقدرة مهنية في مجال البن للمساهمة بإعداد الملف وتمويله، ووجدنا من أبناء اليمن من تكفل بذلك”.
وخلال مارس/ آذار الجاري وبالتزامن مع اليوم الوطني للبن اليمن نشرت “ريف اليمن” ملفاً صحفياً عن “القهوة اليمنية” وسلط الضوء على البن اليمني بعدد من المواد والتقارير الصحفية، بالإضافة إلى الإنتاج المرئي على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا من ضمن اهتمام المنصة بالزراعة وبالمورث الثقافي باليمن.
القهوة اليمنية
"والريح تغزل من زهور "البن" أغنية العتابِ" وفق شاعر اليمن عبد الله البردوني، وهو يشير إلى زراعة القهوة اليمنية التي...
Read moreملف البن اليمني
وأشاد السفير اليمني لدى اليونسكو، بمؤسسة القمة للتنمية، والتي تدير شركة قمة للقهوة وتتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، على رعاية ملف تقديم البن اليمن. وقال جميح “ان الفريق الميداني كان يمتلك خبرة عميقة في مجال البن اليمني تضاهي الخبرات العالمية”.
وأضاف “كلهم بذلوا وقتهم وجهدهم لتسليط الضوء على البن اليمني وإبراز مكانته، وتعريف العالم بقيمته، ودوره المهم في المشهد العالمي لصناعة البن”، لافتا أن هذا الفريق يستحق التقدير على جهودهم المضاعفة والإنجاز الكبير الذي حققوه، والذي تُوّج بتسليم الملف إلى سكرتارية اليونسكو”.

وقال السفير اليمني إن “قطاع الأعمال اليمني يمكن أن يتميز عندما تناط به المهام المختلفة، وأثبتت مؤسسة القمة للتنمية، قدرتها على العمل والإبداع والإنجاز، بشكل يدعو للإشادة والإعجاب”.
وشارك في إعداد الملف، الخبيرة الدولية في مجال التراث غير المادي، فاطمة مصطفى، حيث أشرفت وتابعت خطوات إعداد الملف. وقال جميح إنها “عملت مع الفريق الميداني بشكل مستمر إلى أن وصلنا إلى هذا الإنجاز الكبير”، في إشارة إلى تقديم ملف اليمن لليونسكو.
ماذا يعني تقديم البن إلى اليونسكو؟
من المفترض أن يتم مراجعة ملف البن اليمني، من أجل الموافقة على إدراجه في قائمة التراث العالمي الثقافي غير المادي، في الاجتماع السنوي للجنة اليونسكو، وسيعقد هذا العام بمدينة نيودلهي الهندية، في ديسمبر/كانون الأول 2025.
ويمتلك البن اليمني إرثاً عريقاً، ويعد إدراجه لدى يونسكو خطوة مهمة للتعريف بهذا المنتج المهم الذي تعد اليمن أحد أقدم البلدان في العالم بزراعته.
وقال سفير اليمن لدى اليونسكو محمد جميح “يُعد هذا الترشيح خطوة جوهرية في مسيرة الاعتراف بالبُن اليمني كرمز ثقافي واقتصادي ليس فقط لليمن، ولكن للعالم أجمع. إذ يمثل البن اليمني إرثًا يمتد لقرون، حيث لعب دورًا أساسيًا في تاريخ القهوة عالميًا”.
وأضاف: “ينتظرنا عمل مستمر لمتابعة الملف لدى الهيئات المختلفة لليونسكو، حتى لحظة الإعلان عن إدراج البن اليمني ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي”.
وأواخر 2022، أعلنت اليونسكو إدراج “البن الخولاني السعودي” والمهارات والمعارف المرتبطة بزراعته ضمن قائمتها للتراث غير المادي، ويوجد في اليمن نوع من البن بذات الاسم ويزرع في مناطق خولان بن عامر في صعدة، وهي محاذية للمناطق الجنوبية في السعودية والتي تزرع ذات النوع.
ظاهرة التغيرات المناخية وأثرها في إنتاج #البُن #اليمني.#عيد_موكا2025#اليوم_الوطني_للبن_اليمني#ريف_اليمن #ملتميديا #مناخ pic.twitter.com/EJzHoPa9DS
— ريف اليمن Reef Yemen (@Reefyemen1) March 9, 2025
القهوة اليمنية
وتعود زراعة البن في اليمن إلى قرون طويلة، حيث تشير مصادر تأريخية إلى أن اليمنيين أول من قام بزراعة البن وتصديره، ويرتبط اسمه عالميًا بميناء المخا (موكا) الذي كان المرفأ الأول لتصدير البن اليمني إلى كل العالم منذ القرن الخامس عشر، وأصبح الميناء الأشهر الذي استمد منه البن اسمه العالمي “موكا كافيه”.
ارتباط اسم ميناء المخا -الذي لايزال إلى يومنا موجودا في الساحل الغربي اليمن- بالبن خلال القرون الماضية أصبح يمثل دلالة تاريخية على جودة وتميز مذاق البن القادم من اليمن، وكانت اليمن أول دولة تصنع وتُسوّق القهوة تجاريًا قبل 700 عام.
الباحث اليمني المهتم بالتراث عبد الجبار باجل قال -في حديث سابق لمنصة “ريف اليمن- إن “اليمنيين عرفوا زراعة البن في القرن الخامس الميلادي، فيما كان أبو بكر الرازي من أوائل العلماء الذين ذكروا القهوة اليمنية في كتاباته في القرن التاسع الميلادي”.
التراث غير المادي
ويعرف التراث الثقافي غير المادي بأنه “الممارسات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية يعدها المجتمع، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي، وهذا التراث يتناقله جيلا عن جيل يبدعه المجتمع بصورة مستمرة”.
وشاركت اليمن خلال الثلاثة الأعوام الماضية ضمن ملف عربي مشترك في عدد من العناصر، آخرها العام الماضي 2024، تسجيل عنصر “الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية” ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لليونسكو على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.
وفي العام 2023 أضيف عنصر “الفنون والمهارات والممارسات المرتبطة بالنقش على المعادن (الذهب والفضة والنحاس)” في قائمتها للتراث غير المادي لليونسكو، لعشر دول عربية بينها اليمن، وفي العام 2022 تم إضافة “النخيل والمعرفة والمهارات والتقاليد والممارسات” أيضا لعدد 15 دولة عربية بينها اليمن.